حوار مع صاحب السماحه
ابريل 2008
عسى ان ينفعنا
( قالت امرأة فرعون قره عين لى ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداًوهم لا يشعرون ) صدق الله العظيم
بفرحة المحب للنبى وآله والصحب والولى وكل من ذى مشرب صفى التقيت بسماحة الإمام فلما اذن لى بالدخول إليه والمثول بين يديه سمعته يصلى على سيد الوجود قائلاً اللهم صلى على سيدنا محمد شجرة الأصل النورانيه . . إلى آخر الصلاة المحمديه فلما فرغ من الصلاه القيت على سماحته السلام فرد سماحته السلام وزاد عليه رحمة الله وبركاته .
قلت . يا سيدى لقد لفت انتباهى آيه فى كتاب الله تعالى ورد فيها بغير توريه ولا كنايه أن بعض الناس ينفعون الناس دون أن يمس ذلك عقيدتهم فى ربهم وأريد أن تميط عنها اللثام بما اتاكم الله من فضله .
قال السيد : ما هى الآيه ؟
قلت ( قالت أمرأة فرعون قرة عين لى ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا ) . . الآيه فقال سماحته : أضف إليها قول عزيز مصر عندما اشترى سيدنا يوسف يقول تعالى ( قال الذى اشتراه من مصر لإمرأته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ) . . الآيه ثم أضف إلى معلوماتك قول النبى صلى الله عليه وسلم ( خير الناس أنفعهم للناس ) صدق الله العظيم صلى الله عليه وسلم يا بنى إن النفع والضر بيد الله ولكن يضع النفع حيث يشاء وما على المؤمن إلا أن يطلب النفع من حيث وضعه الله تعالى واللغه العربيه تتسع للألفاظ التى تحمل المعانى التى تفهم على غير ظاهرها وهو ما يسمى بالمجاز العقلى وما عليك إلا أن تعتقد أنه سبحانه الفعال وبعد ذلك لا يضرك ما قلت وما فعلت فإن الظاهر والباطن أى الخفى والجلى كل ذلك بمقياس الناس أما ربنا فليس عليه من أمر خفى فنحن وأعمالنا مخلوقون بقدرته وهو يعلم من خلق ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) فالله لا يؤاخذ على سبق اللسان . ولا على ضعف البيان وإنما هو يعلم السر وهو الذى أخفاه وجعله سراً ( وأخفى ) ولو أخذنا على ظواهر الكلمات نكون مخطئين على طول الخط بمعنى لو قال أحدنا : سمعت أو رأيت . . أو رأيت فى المنام . . أو نمت ( من النوم ) أو أستيقظت أو آمنت . . أو أهتديت . . أو فعلت أى شىء فما رأيك فى ذلك ؟ قلت : لا شىء عندى أجيب به . قال السيد : الصحيح أن الله هو الذى أسمعك فسمعت وأراك فرأيت يقظه أو مناماً ( وإذ يريكهم الله فى منامك ) وهداك فاهتديت ( اللهم لولا أنت ما اهتدينا ) فكل ذلك وغير ذلك لا شىء يضرنا إذ نطقنا بالفعل مباشره دون أن ننسب ذلك الفعل إلى الله لأن ذلك مرجعه العقيده الصحيحه فى كون الله هو الفعال لكل شىء وأن العبد تجرى عليه مقادير الله كما قال الصوفى القديم .
لا الأمر أمرى ولا التدبير تدبيرى
ولا المقادير التى تجرى بتقديرى
قلت : الآن انتابنى نوبه من الشجاعه لم اعهدها فى نفسى من قبل ألا وهى : هل الأولياء ينفعون أحداً وهل الأنبياء ينفعون أحداً وهل الناس ينفعون بعضهم بعضاً وهل . . وهنا استوقفنى سماحته قائلاً : الإجابه نعم وكذلك لا قلت : إما نعم وإما لا لأن مثلى لا يستوعب أن يجمعها فى أمر واحد . قال الشيخ : ما علينا منك ومن أمثالك فانقل ذلك إلى القراء وهم بفضل الله يعلمون .
قلت : وأنا بفضل الله معهم .
قال السيد :
أقول نعم بإعتبار أنهم يعتقدون فى أن النافع هو الله والأنبياء والأولياء وبقية الخلق هم ادوات الثوره الإلهيه هذا عن قولى نعم ينفعون .
أما عن قولى : لا ينفعون فإنى أقصد نفعهم بذواتهم بدون استخدامهم من قبل الله تعالى كأدوات القدره وهو سبحانه غنى عنهم وهو لا يستعين بعبده فى فعل شىء مطلقاً وإلا فبمن استعان عندما خلق خلقه كله . . سبحان الله فالمجاز العقلى يفيد مع العقيده فى أن كل شىء مرده إلى الله وعندما سئل النبى صلى الله عليه وسلًم فيما رواه مسلم فى صحيحه : يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشىء ؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال صلى الله عليه وسلم : نعم نفعته إنه الآن فى ضحضاح ولولاى لكان فى الدرك الأسفل من النار . صدق رسول الله
ومهما كنت سطحياً فى الفهم فلا أعتقد أنك ستفهم أن الرسول يقصد أنه نفعه ( أى أبو طالب ) بذاته ولكن يا بنى المجاز العقلى وإليك لمحه صوفيه : عندما ذهب مريد إلى الشيخ وتاب على يده وصلح حاله قال المريد للشيخ : أنت نفعتنى كثيراً فقال الشيخ :
يا بنى أرانى كالآلات وهو محركى أنا قلم والإقتدار أصابع
قلت : يا سيدى إن العلم منحه من الله وتبسيط العلم على مثلى إنما هو منحه أخرى فخاطب عقلى لأفهم المجاز العقلى .
فقال الشيخ : إن مثلك يحتاج إلى عالم واسع الصدر قلت : قد والله وجدته والحمد لله . فعلم الشيخ أننى أعنيه وقال فى حنو الأب الرحيم : يا ولدى أنت أحياناً تقول لأولادك : أنا ذاهب لأحلق شعرى أو تقول لهم أنا ذاهب لأصلح سيارتى . . إلى غير ذلك وأولادك يعلمون أنك لا يمكن أن تحلق شعرك بنفسك وإلا لفعلت ذلك فى المنزل وكذلك لا يمكنك أن تصلح السياره بنفسك وإلا لفعلت ذلك فى المنزل ولكنهم فهموا أنك تقصد الذهاب إلى الحلاق ليحلق لك شعرك أو الذهاب إلى الميكانيكى ليصلح لك سيارتك فالحقيقه أنك لا تفعل بنفسك الشىء ثم تخبر الآخرين أنك فعلته وهو يصدقون ذلك وهذا محمول على المجاز العقلى . . هل فهمت ؟
قلت : هكذا يكون العلم وإلا فلا .
قال سيدنا : الحمد لله ثم قال : هل قرأت قول الله تعالى ( وإذا حضر القسمه أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقهم منه ) الآيه . . قلت لو سمعت ذلك قبل الآن لإعتقدت أننا نرزق الآخرين بحرفية النص ولكن الآن طبعاً فهمت المراد بعيداَ عن ضيق الفهم الحرفى . فقال الإمام : هل تعلم إن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبعض الصحابه : أرزقنا تمراً .
فقلت : الآن يمكن أن أفهم بفضل الله أكثر من ذى قبل فى هذا المجال ولا أريد أن أزيد على ما سمعت حتى أستمتع بالعلم البسيط المحيط بل ويمكننى أن أقول بغير خوف : يا مولانا لقد نفعتنى كثيراً فضحك سماحته وقال :
أرانى كالآلات وهو محركى أنا قلم والإقتدار أصابع
قلت : جعلكم الله دائماً قلما بين أصابع القدره ينفع الله بكم وبدعائكم البلاد والعباد إنه على ما يشاء قدير فهل من دعوه لبلادنا ؟
فقال السيد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم بدعائكم وصلاحهم ثم رفع يديه وقال : اللهم أحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الوباء والغلاء والفتن ما ظهر منها وما بطن .
وكان قد دخل علينا أثناء الحديث جمع من ضيوف الإمام فقلنا جميعاً اللهم آمين . فإنتبه الأمام وقال وعليكم السلام .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مريد